الحضر: جوهرة بلاد ما بين النهرين القديمة
الحضر، مدينة قديمة مترامية الأطراف تقع في قلب أعالي بلاد ما بين النهرين، يحمل قصة آسرة. تقع في شرق محافظة نينوى حالياً شمالاً العراق (عند الإحداثيات 35°35′17″N 42°43′6″E)، ازدهرت كمركز للتجارة والدين منذ القرن الثالث أو الثاني قبل الميلاد تقريبًا حتى تم التخلي عنها في عام 3 م.
احصل على جرعتك من التاريخ عبر البريد الإلكتروني

مدينة مزدهرة تحت حكم البارثيين
لعبت الحضر أدوارًا متعددة: مدينة قوافل محصنة، وعاصمة مملكة الحضر العربية الصغيرة، ومدينة حدودية بالغة الأهمية. هذا الموقع الاستراتيجي بين الإمبراطوريتين الرومانية والبارثية/الساسانية جعلها هدفًا للعديد من الحصارات. سمحت تحصينات الحضر القوية وتكتيكات الدفاع الشرسة لها بالصمود في وجه هجمات الإمبراطورين الرومانيين تراجان وسيبتيميوس سيفيروس. بلغت براعة المدينة ذروتها بانتصارها على الفرس الساسانيين في عام 238 م في معركة شهرزور. ومع ذلك، استولت قوات شابور الأول في النهاية على الحضر في عام 241 م.

الأعجوبة المعمارية واندماج الثقافات
تم الكشف عن أطلال مدينة الحضر في القرن التاسع عشر، وهي تكشف عن تخطيط رائع. كانت المدينة تتميز بخطة دائرية محاطة بأسوار هائلة تضم أكثر من 19 برجًا للدفاع. وفي قلبها، كانت هناك منطقة مقدسة تحيط بالمباني الدينية الرئيسية، والتي يهيمن عليها المعبد العظيم المذهل بأعمدته الشاهقة التي يبلغ ارتفاعها 160 مترًا. تعكس الهندسة المعمارية والفن في مدينة الحضر نسيجًا ثقافيًا غنيًا. آلهة من اليونان وبلاد ما بين النهرين ومصر. كنعانيوقد تم هنا عبادة التقاليد الآرامية والعربية، مما خلق مزيجًا فريدًا من نوعه.

الأهمية الفنية والأثرية
تتجلى التأثيرات البارثية في الفن والهندسة المعمارية في الحضر، والتي تتميز بأشكال أمامية ضخمة ذات أقدام مفلطحة. ومن المثير للاهتمام أن هذه الأساليب تتشابه مع فن كوشان، مما يشير إلى تبادلات ثقافية محتملة أو تراث فني مشترك. ولهواة التاريخ، تحمل الحضر معلومة أخرى مثيرة للاهتمام: فقد كانت الآثار بمثابة خلفية للمشهد الافتتاحي لفيلم "طارد الأرواح الشريرة" عام 1973.

إعادة الاكتشاف الحديث وتحدي الحفظ
تم إجراء المسوحات الأولى للموقع بين عامي 1906 و1911 بواسطة والتر أندريه. بدأت الحفريات المنهجية في عام 1951، بمساهمات ملحوظة من البعثة الأثرية الإيطالية وفريق بولندي من المركز البولندي للآثار. علم آثار البحر الأبيض المتوسطلسوء الحظ، واجهت مدينة الحضر تحديات كبيرة في الآونة الأخيرة. فقد أدت حرب العراق واحتلال داعش إلى إلحاق الضرر بالموقع، مع تدمير العديد من القطع الأثرية.

جهود الترميم والحفظ
وتستمر الجهود لاستعادة الحضر والحفاظ عليها. قام صدام حسين بمشروع ترميم كجزء من جهد أكبر للاحتفال بتاريخ بلاد ما بين النهرين. ومع ذلك، فإن فعالية بعض طرق الترميم المستخدمة خلال هذه الفترة والضرر المحتمل لها هي موضع نقاش من قبل علماء الآثار. التهديد الأخير جاء من احتلال داعش، والذي أدى لحسن الحظ إلى أضرار أقل اتساعًا مما كان متوقعًا في البداية. واستعادت قوات الحشد الشعبي الموالية للحكومة العراقية السيطرة على المدينة في عام 2017.

تراث الحضر الدائم
المعين أ اليونسكو للتراث العالمي الموقع في عام 1985، لا تزال آثار الحضر تثير اهتمام المؤرخين وعلماء الآثار. إن المزيج الفريد من الثقافات والإنجازات المعمارية الرائعة والتاريخ العريق للمدينة يعزز مكانتها كواحدة من أهم الكنوز الأثرية في العراق. وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها، تظل الحضر شاهداً على الإرث الدائم للحضارة الرافدينية القديمة.

مصادر:
